جبال الكحل تفنيها المراود: قصة إمرأة أجنبية أحبت شاباً فغدر بها



لم أدري إن كانت السيدة، قد لاحظت أنني أختلس النظر إليها في مرآة صالون السيارة،أم لا، فكرة واحدة فقط سيطرت عليَ طوال الطريق:إلي متي ستظل محتفظة برباطه جأشها ، ولماذا لم تبكي حتى الآن؟؟

كانت تخفي نصف وجهها تقريباً خلف النظارة الشمسية الكبيرة، نظرتُ مرة أخري إلي ابنة عمها و صديقتها، كانت تجلس إلي جوارها في صمت مطبق. شردت بتفكيري بعيدا و تساءلت: تري أتدرك أبعاد الموقف؟ وخطورة ما نحن مقبلين عليه؟؟

حاولت التغلب علي أفكاري والتشاغل عنها بتوجيه الحديث إلى عم محمد سائق السيارة:

- إنتَ مستعد يا عم محمد؟ عارف لو، لا قدر الله الحكاية عكت إحنا داخلين علي إيه؟

رد بلهجة صعيديه صميمه :

- إطمَن يا خُوي، مستعدين ِهنا قبل إهناكه ، الغلط راكبهم من ساسهم لراسهم و لو طبلت، هتطبل فوج روسهم، وولاد عمي واخدين خبر من عشية وواخدين احتياطهم، طمن الست وجولها ما تَعتلش هم.

لم تُرحني كلماته بل أقلقتني أكثر مما أراحتني، كُنت قد تعودت علي أسلوبه المٌقتضب في الحديث وأن لم أفهم ما معني إنه مستعد هنا قبل هناك؟ هل يحمل سلاحاً مثلاً؟؟

كان اختياري لعم محمد ليرافقنا في تلك الرحلة الشاقة لعدة أسباب أهمها: أنني اعرفه منذ مدة طويلة، منذ فترة عملي بقطاع السياحة. وأهم من ذلك انه يمتلك سيارة مكيفه ، قويه ومرخصة للنقل السياحي و يستطيع استخراج تصاريح الرحلة بسهوله ، لأننا نصطحب أجانب والأهم من ذلك، هو ما يتمتع به عم محمد، من قوة شخصيه و هيبة، رغم عدم حصوله على مؤهل عالي إلا انه دائما ما كان يروي لي أثناء رحلاتنا الطويلة كيف يكون عضو دائم في جلسات الصلح بين العائلات في بلدتهم بل وان حكمه علي حد قوله "نافذ علي الكبير قبل الصغير في بلدهم" وهذا ما شجعني علي الاستعانة به قابلته قبل الرحلة بيومين وعرفت أن بلدتهم مُتاخمة للبلدة التي نقصدها، باختصار كنت في حاجه إلي رجل بجواري يدعمني بكل الوسائل في تلك المهمة الثقيلة علي نفسي وقلبي.

قد تبدو القصة بسيطة للبعض بل و مكررة أيضاً، لكن تفاصيلها تحمل الكثير من الشجون و الأحزان، بالقدر الذي جعلني، لا أستطيع رفض مساعدة تلك السيدة، ليس فقط لما تربطني بها من صداقه ولكن لمدي تعقد الموقف، فهي سيدة ألمانية تشغل مكانه مرموقة في بلدها، تعرفت عليها كغيرها من السائحين منذ سنوات ، حيث كانت تزور مصر لمده أربعة عشر يوما، في رحله طويلة نسبيا مع ابنه عمها و صديقه عمرها ، فقد كانت تريد أن تنسي أحزانها ، بعد أن توفي ابنها الوحيد إثر حادث مروع، وتعددت بعدها زياراتها لمصر وفي احدي تلك المرات، تَعرفَت تلك السيدة، بشاب من تلك البلدة النائية، في صعيد مصر، عرفَتني به أيضاً و في الحقيقة لم ارتح له من البداية، فقد كانت عيناه تُشبهان عينيّ زاحف من الزواحف، دائما ما يُعطي انطباع بأنه يُخفي شيئاً ما، و فوجئت يوما بالسيدة الألمانية وهي تصرح لي بأنها عازمة علي الزواج من هذا الشاب، شرحت لها الكثير و الكثير عن اختلاف الثقافات و أن نسبه كبيرة من الزيجات المختلطة تفشل في بلادنا و لكن دون جدوى كان ردها: أنا فقط أسعي نحو السعادة التي حُرمتُ منها، وحتى إن يكن طامعاً في ثروتي فلم لا افعل شيئا نافعا بالنقود خاصة وأنني بلا وريث الآن؟

تمنيتُ لها التوفيق وانقطعت الأخبار وفترت العلاقة أكثر فأكثر، فلم أكن متوافقاً مع هذا الشاب، نظرا لاختلاف مستوياتنا الثقافية وأيضا لأنه سعيّ بكل السبل إلي إفساد علاقة صداقتي البريئة بها، ولقد تفهمتُ ذلك تماما فتنحيت جانبا،ً وأيضا لأنه و بعد فترة قصيرة من الزواج و السفر إلي ألمانيا، ربما بعد نحو سنتين فقط، تغيرت شخصيته 360درجه: سهر لساعات متأخرة من الليل، التنقل من وظيفة لأخرى، تعددت محاضر السكر في حقه من جانب الشرطة و كثيرا ما كان يتم إيقافه عن العمل، تعقدت علاقاتهما ببعض أكثر فأكثر، عندما بدأ يسرق النقود منها، حاولت السيدة إصلاحه يشتي الطرق ، إلا انه لم يكن هناك أمل علي ما يبدو، استمر علي ما هو عليه من الاستهتار والحياة العابثة، فبدأ يعتدي عليها بالسب والضرب عندما كانت ترفض أن تعطيه النقود و عندما حررت له محضر إثبات حاله في قسم الشرطة بعدم التعدي عليها خرج من القسم و امسك سكينا وهددها بالقتل إذا ما أبلغت الشرطة عنه مرة أخرى، لم يكن أمامها سوي الرضوخ له حتى تستطيع إيجاد مخرج من هذا المأزق في تلك الفترة اتصلت بي ابنة عمها وأخبرتني بجميع تلك التطورات وبالطبع لم استطع أن أفعل شئ نظراً لأن جميع الأحداث، كانت تجري بالخارج انتهي الموقف بعد عدة سنوات بأن نجحت في الحصول على حكم طلاق واجب النفاذ من محكمة المقاطعة التي تقطن بها هناك ، فالقانون الألماني لا يمنح أحكام بالطلاق إلا بعد مرور فترة ثلاثة سنوات من الانفصال البدني و المعنوي بين الزوجين، مدعماً بالوثائق و المستندات وكان الأهم من ذلك ثغرة قانونيه استفاد منها المحامون هناك و استطاعوا الحصول علي حكم بالترحيل من ألمانيا ضد ذلك الشاب و أيضا فسخ إجراءات الحصول علي الجنسية التي كانت قد بدأت فيها، وهنا تكمن المشكلة الحقيقة، فلقد كانت تلك الزيجة بالنسبة لهذا الشاب مجرد فرصه للثراء السريع والحصول علي جنسيه أوروبيه، أما بالنسبة لتلك السيدة فالموقف كان اعقد بكثير:

كان الأمر بالنسبة إليها زواج بنيه الاستقرار والتقاعد في مصر بعد سنوات قليله ، كما كانت ترغب في النهوض بالقرية الفقيرة التي ينحدر منها هذا الشاب، و بالفعل ما أنجزته في مده تقل عن ثلاثة سنوات قد تعجز عن انجازه الحكومات المتعاقبة في بلدنا المشرقة، فلقد لاحظَت عدم توافر الخدمات أو المياه العذبة أو حتى الكهرباء بتلك القرية فاشترت مولد كهربائي كبير ضد العطل لينير الجزء الأكبر من القرية و ليس ذلك فقط اتخذت من عائله ذلك الشاب نقطه للانطلاق نحو تنميه القرية بأكملها فاشترت عدد 15 ماكينة خياطه متقدمه للغاية من ماركة فيكتوريا الشهيرة مُتعددة الوظائف (قص وخياطه وسرفله و تطريز) وغير ذلك بل و في احدي الأجازات قضت أسبوعا كاملا في تعليم نساء تلك الأسرة كيفيه العمل علي تلك الماكينات وعندما سألتها لماذا تكبدت كل ذلك العناء؟

- قالت: لم أكن أريد أن أعطيهم نقوداً أو مساعدات عينيه، كنت أريد تطوير فكرهن وتوجيههن نحو العمل الحر، إضافةَ إلي نصائحها المستمرة لهن، فيما يتعلق بالنظافة و تنظيم الأسرة و قواعد الأكل الصحي السليم وكذلك كان للرجال في أسرة هذا الشاب النصيب الأكبر فقد أرادت الحد من البطالة في تلك العائلة الكبيرة فاشترت لهم عدد 2 سيارة ميكروباص ليعملون عليها جميعهم بالتناوب سواء في السفر بين قريتهم و مدينة الأقصر أو للرحلات القصيرة داخل البلدة كما اشترت مضخة ماء كبيره و موتور للمياه للمساعدة في توصيل المياه العذبة لحوالي 40 منزل في تلك القرية، تخيل معي أخي القارئ تكلفه وعناء إدخال و تحسين تلك المرافق في احدي القرى النائية بصعيد مصر. وروت لي كم كان يحلوا لها التجوال بذلك الجلباب الحريمي الريفي الملون في ربوع القرية الصغيرة لتطمئن بنفسها علي وصول المياه العذبة إلي كل دار، لم تحتاج الي لغة او مترجم خاص، فلغة العيون كانت تكفي و لكن ... وآه من كلمه لكن تلك، ففي أثناء فترة انشغالها بالسلوك المشين من جانب زوجها و ما تعرضت له من إهانات و ضرب لمده تزيد عن 3 سنوات، انقطعت تماما زياراتها للقرية و لم يكن هناك وسيله للتحدث مع اهله اللذين لم يجيدوا إلا اللهجة الصعيدية الصميمة ، ولعل ذلك كان السبب الرئيسي لزيارتها الأخيرة للبلدة بعد حصولها علي حكم الطلاق و الطرد بحق زوجها : فقد عرفت ان زوجها عاد إلي قريته و أنه قد هددها بالقتل إن هي عاودت إلي القرية أو فضحت أمر طرده من ألمانيا و لكنها عادت وأكدت لي عبر البريد الاليكتروني أنها لا تريد شيئا منه سوي بعد المتعلقات الشخصية الخاص بها والموجودة بالقرية وبعض الأوراق و المستندات الهامة ولكن يبدوا أنها كانت تخفي أمرا آخر غير ذلك.

ما أن وصلنا إلي اطراف القرية الصغيرة، حتى قابلنا أناس كثيرون يعرفونها ويتذكرونها ورحبوا بها في حميمية غريبة وان افتقدوا للغة المشتركة ،احتضنتها العديد من النساء والكل يحاول أن يتمسك بنا للغداء عندهم رغم بساطه معيشتهم كانوا علي علم بوجود مشكلة ما ، إلا أنهم و بغريزتهم أيقنوا أنني هنا فقط للترجمة و ليس لإحداث آي مشكله ،عرفت من خلال محاوراتي معهم الكثير والكثير عن دور تلك الصديقة في حياه هؤلاء، الكل كان يُجمع علي شئ واحد: عِرفانهم بجميل تلك السيدة وبفضلها عليهم، وصلنا إلي منزل عائله ذلك الشاب وكان في انتظارنا أبناء عمومه عم محمد السائق ولقد أحاطوا بالسيارة في شكل صفين منتظمين أشبه بأطقم الحراسات الخاصة في مشهد مهيب وصدق حدسي فمعظمهم كانوا يخفون طبنجات كبيرة الحجم ظهرت أطرافها من بين طيات ملابسهم، فقط من اجل إخافة من تسول له نفسه مجرد التفكير في إيذاء تلك السيدة، عرفت أثناء الزيارة و تيقنت ان الشاب موجود بالقرية إلا انه يختبئ بمنزل احد أصدقاءه في خزي و انكسار لم تكن السيدة تنتوي اخذ اي شئ مما أحضرته، كما اعتقدت انا ، كل ما كانت ترغب فيه هو رؤية أن ثمة شئ ما قد بقي من مجهوداتها او ان محاولتها الفردية للنهوض بأبناء تلك القرية قد آتت ثمارها و لكن الأمر كان علي العكس من ذلك تماما: فالسيارتين الميكروباص: لم يهتم اي احد بإجراء اي صيانة دوريه لهما بل ان احد أخوات طليقها قد سار بها دون ان يكترث حتى بالنظر في مؤشر منسوب المياه بالسيارة فاحترق الموتور والأخرى تم تفكيك محتوياتها منها و بدت و كأن قنبلة زمنيه قد انفجرت بها، و لم يتبق من ماكينات الخياطة سوي ماكينة واحده فقط في منزل الجدة العجوز و التي لا تستطيع استخدامها نظرا لكبر سنها و ضعف بصرها و انما أصرت علي الاحتفاظ بها، أما باقي الماكينات فقد اجبر الرجال هؤلاء النساء علي بيعها بحجه أنه من العار ان تعمل المرأة و زوجها موجود و قادر علي الكسب أما مولد الكهرباء و الذي صمم بمضخات ثنائيه تعمل بالكمبيوتر و ضد العطل فما ان انتهي مخزون الوقود به حتى اختلفت العائلات ورفض عدد كبير منهم المشاركة في حصة الوقود كما كان الاتفاق بحجه أنهم لا يحتاجون إليه، فقد أصبح خُردة يعلوه الصدأ، استغله أهل القريه كمكان لربط البهائم و الحمير به، نظرا لثقله فلا تستطيع الحيوانات تحريكه، تسلمت السيدة حقيبة صغيرة من احدى العمات وكان بها بعض الصور والمتعلقات الشخصية ودفترين كبيرين مذكرات شخصيه كانت تكتبها يوميا عن خط سير انجازاتها مع أهل القرية. 

لملمت السيدة جراحها وساعدناها في الصعود إلي السيارة في رحله العودة من حيث أتينا في المدينة الساحلية الصغيرة علي شاطئ البحر الأحمر. 

حمدت الله في سري ان الأمر انتهي دون حدوث أي مشكله او عنف او تهديدات عدت لاختلاس النظر مرة أخري في مرآه صالون السيارة فوجدت دموع غزيرة تنحدر من خلف نظارتها الشمسية وهي شاردة ببصرها لم ادري هل كانت تنظر إلي الطريق أم إلى مستقبل، لا يعلم أحد ماذا يُخبئ لها الا الله.

تمت

إقرأ أيضا: الحياة الأخرى - قصة حقيقية




شارك الموضوع وتابعنا على الفيسبوك (عوالم منسية) أو تويتر أو  اشترك بالقائمة البريدية ليصلك كل جديد على بريدك  |للتعليق:  اضغط على "إضافة/إرسال تعليق" أسفل المقالة

للمراسلة: enbee.info@gmail.com


قصة حب انتهت بالفشل - زواج من امرأة اجنبية - زواج الأجانب

هل العلاقات الإلكترونية حرام ابن باز
علامات حب الرجل المتزوج لغير زوجته
حكم الشرع في الزوجة التي تخون زوجها عن طريق الإنترنت
حكم تكلم المرأة المتزوجة مع الرجل في الهاتف
ماذا تفعل الزوجة الذكية عندما تكتشف أن زوجها يحب امرأة أخرى
هل يستطيع الرجل المتزوج أن يحب امرأة أخرى
زوجي يحب امرأة متزوجة
هل الحب من الجوال حرام ابن باز 

تعليقات

إقرأ أيضا الموضوعات الشهيرة الأخرى

نجمات "بورنو" شهيرات يكشفن حقيقة الأفلام الإباحية –(الحلقة الأولى)

​الدب والأرنب: عبثٌ في مراحيض الغابة

رحلة إلى مدينة هامبورج ألمانيا

قصة الراهبة المصرية التي أسلمت على يد النبي محمد عام 1970

ماذا يحدث حين تقول " لا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك"؟

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الثالثة)

معنى الصديق اللدود: كاريكاتير الذئب الحكيم والخروف الحزين

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الأولى)

ما هي الجمارك المستحقة على شيفروليه كروز موديل 2012 سعة 1600 سي سي؟

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الرابعة)