عزيزي مُرّ مرور الكرام: لستَ مُلزَمًا بالتعليق على كل شيء



بفضل ثورة تكنولوجيا الاتصالات التي هي سمة العصر، وسهولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار الهواتف الذكية في أيدي الجميع على مستوى العالم، أصبحنا نعيش في زمن تتطاير فيه الكلمات أسرع من التفكير. صور تُنشر، أراء تكتب لحظياً بلا تدقيق، لحظات تُوثّق بلا تأمل في العواقب—وفي ثوانٍ تمتلئ خانة التعليقات. يتسابق الناس (ومن بين هؤلاء الناس افراد الكتائب الإلكترونية الموجّهة بحسابات وهمية وأجندات مُعدة سلفاً) لكتابة أحكامهم، واعتراضاتهم، وسخريتهم، وأحيانًا قسوتهم وسبابهم على من كتب ومن علق موافقاً كان أم مخالفاً.

لماذا؟
فقط لأنهم يستطيعون كتابة ما شاؤوا؛ لأن لوحة المفاتيح جاهزة دائمًا بين أطراف أصابعك؛ لأن "السكوت" لم يعُد "من ذهب" كما كان في الماضي، بل أصبح نادر الوجود بين الناس.

لكن حان الوقت لنتوقّف قليلاً ونتذكّر أمرًا بسيطًا:

لستَ مضطرًا للتعليق على كل شيء. في الواقع، لا يجب أن تفعل ذلك.


ليست كل فكرة تستحق أن تُقال

لقد منحتنا وسائل التواصل صوتًا وأصبح إبداء الرأي سهلاً وفورياً (وليس كما كان في الماضي، حين كان عليك إرسال رسالة مكتوبة على ورق بالبريد تستغرق أسابيعاً في الوصول إلى جريدة أو جهة ما) ، لكن ليس كل فكرة تستحق أن تُقال، ولا كل رأي يجب أن يُكتب أو يُسَجَّل عليك.
وحرية التعبير لا تعني حرية توزيع الأذى المجاني للجميع.
مجرد أنك لا توافق، لا يعني أن تهاجم. وإن كنت متضايقًا، لا يعني أن تُضايق غيرك.


الكلمة قد تقتل

تذكّر قوة الكلمة.

الكون خُلِق بكلمة.
تعليق عابر عن شكل شخص، سخرية من قصته، استهزاء بأحلامه—كلها تجرح.
وتجرح بعمق. وقد تقتل في صمت وأنت لا تدري.
من السهل أن ننسى أن خلف تلك الشاشة، ومن كتب تلك الكلمات إنسان، له مشاعره، وله معاركه، وله أوجاعه التي لا نعلم عنها شيئًا.


حِكم وأمثال لا يجب أن ننساها

  • "إذا لم تستطع أن تقول كلامًا طيبًا عن أحد، فلا تقل شيئًا على الإطلاق."

  • "السمكة التي تغلق فمها لا يصيدها صياد."

الصمت ليس ضعفًا، بل حكمة.
ليس كل شيء يستحق الرد.
ليس كل منشور بحاجة لرأيك.
وليس كل خلاف دعوة إلى معركة.

لست مجبراً وليس من واجبك التعليق على كل ما تراه عينك.


الإسلام علّمنا قيمة الصمت

قال رسول الله ﷺ:

"مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت."
(رواه البخاري ومسلم)

 وقال الإمام علي عليه السلام:

 "من طال صمته، اجتلب من الهيبه ماينفعه، ومن الوحشة مالايضره؛ وكن رزينا طويل الصمت ذا فكر، فإن نطقت فلا تكثر من الخطب؛ ولا تجب سائلا من غير ترويه؛ وبالذي لم تسل عنه فلا تجب."

في الصمت وقار.
في السكوت إيمان.
في كظم الغيظ أجر عظيم.


إذا هممت بكتابة تعليق على منشور أو فيديو أو قصة أو ستوري… سَل نفسك قبلها:

  • هل هذا التعليق مفيد؟

  • هل هو لطيف؟

  • هل هو ضروري؟

  • ماذا سيحدث في الدنيا إذا لم أكتب هذا التعليق؟

إن لم يكن منه فائدة—تجاهله. مرّ من فوقه. احمِ قلبك من الحقد والغل، واحفظ قلوب الآخرين من الأذى.


خاتمة

اجعل تعليقاتك تبني لا تهدم.
اجعل كلماتك تُداوي لا تُؤذي.
وإن كان كل ما تستطيع تقديمه هو الصمت—فقدّمه بفخر للعالم.

لأنّ في نهاية المطاف، أقوى الأصوات… هي التي تعرف متى تصمت، وأن الكلمة الطيبة صدقة تضاف إلى سجلك الذي تعبر به إلى العالم الآخر.


إقرأ أيضا: شكرا لكل هؤلاء... فهل أنت منهم؟

إقرأ أيضا: صعود النجوم العصاميين: كيف يُعيد الشباب الموهوبون تعريف النجاح على وسائل التواصل الاجتماعي

إقرأ أيضا: كيف تؤمن نفسك على شبكات التواصل الاجتماعي؟

إقرأ أيضا: كيف تحمي نفسك من الابتزاز الإلكتروني؟





شارك الموضوع وتابعنا على الفيسبوك (عوالم منسية) أو تويتر أو  اشترك بالقائمة البريدية ليصلك كل جديد على بريدك  |للتعليق:  اضغط على "إضافة/إرسال تعليق" أسفل المقالة

 إعداد: المنسي
للمراسلة: enbee.info@gmail.com

غير مصرح بنقل الموضوع أو الاستعانة بالمادة لعمل فيديوهات إلا بعد موافقة الكاتب.


كيف تكتب تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي؟
اجمل ما قيل عن السوشيال ميديا؟
ازاي اسوق علي السوشيال ميديا؟
كيف تتعامل مع التعليقات السيئة؟
الرد على التعليقات السلبية
التعليقات السلبية على مواقع التواصل
فن الرد على السوشيال ميديا
الرد على تعليقات العملاء
الرد على التعليقات الإيجابية
الرد على تقييم العملاء

تعليقات

إقرأ أيضا الموضوعات الشهيرة الأخرى

تقييم مستهلك: مروحة نوتيكال Nautical استاند 18 بوصة (مصر - 2016)

نجمات "بورنو" شهيرات يكشفن حقيقة الأفلام الإباحية –(الحلقة الأولى)

قصة الراهبة المصرية التي أسلمت على يد النبي محمد عام 1970

نافذة على العالم:: رحلة إلى تايبيه الجديدة، تايوان، 15 يونيو 2025

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الرابعة)

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الثالثة)

تأملات في إعلانات بنك مصر ومساراتها العاطفية

تقييم المستهلك: غسالة الأطباق يونيفرسال 10 أفراد (البحبوحة)

إعادة اكتشاف فيلم الحافلة التائهة (1957): رحلة في أعماق النفس البشرية

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الأولى)