عفواً مديري العزيز... أنت حمار !















في البداية أحب أن أؤكد على حبي الشديد للحمير، هذه الحيوانات الجميلة!، وأن أعرب عن تقديري للدور الحيوي الذي لعبته منذ فجر التاريخ على ظهر هذا الكوكب البائس، ولكني لم أجد وصفاً أبلغ من كلمة "حمار" التي اعتدنا أن نطلقها على الحمقى والأغبياء لأضعها في العنوان.

ومن هنا أقول، أن الأمر المنطقي الذي يقبله العقل السليم أن الشخص الذي يقود العربة لابد وأن يعرف أكثر من الحمير التي تقوم بالعمل الفعلي! وإلا، فلماذا وُضع على رأسهم؟!

السؤال الآن: ما هو المميز في سائق العربة؟ هل هي القوة؟ لا بالطبع، وإلا كان السائق يجر عربته بنفسه الآن، كما أن أضعف حمار قادر على قتل السائق بسهولة تامة!.. لابد أنه العقل!..نعم، إنه ذلك العقل الذي تفتقده الحمير، العقل اللازم لإنجاز العمل المطلوب، وبحيث يحصل الجميع على النتيجة المرجوة من هذا الأمر كله: إطعام الجميع، حيث يحصل السائق والحمير على طعامهم ومأواهم ليصبح للأمر كله قيمة. السائق بعقله والحمير بقوتها ينجز العمل ويأكل الجميع.

إلا أنه من نوائب الدهر في زماننا أن يكون لك مدير أنت تفهم في العمل أكثر منه!...ويكون الأمر أفدح حين تعلم علم اليقين (بعد مراحل الشك الأولي بالطبع وبعد أن تصقلك التجارب معه!) أنك أذكى منه أو منها! والأدهى والأمر أن تدرك أن "حمورية" قراراته أو قراراتها تجركم جميعا إلى الهاوية!... بل وإلى إفساد الهدف الأكبر المرجو من إجباركم جميعا على التواجد في مكان واحد والاشتراك في نفس العمل (رغم كراهية الجميع لذلك!) ألا وهو المكسب وتحصيل أرزاق كافة العاملين بالمكان، كبيرا أو صغيرا قويا أو ضعيفا! 


لقد عملت لسنوات طويلة في شركات عديدة، مع جنسيات عديدة، ولم أجد فرقاً يذكر بين كل المديرين الذين عملت معهم أو تحتهم إن شئت، وجدت أن الرابط الذي يجمعهم جميعا هو العقلية الملتوية والنظرة الفاسدة الغريبة للأمور، وكلهم به عوج نفسي معين يبثه في المكان ليلوث به حياة من تحته:

فمنهم "محب السيطرة الشكاك سيء الظن":، دائما وأبدا يشك أن الجميع يخدعوه ويريدون "أن يلبسوه العمه" على رأي المثل المصري، رغم أن أقصى ما يتمناه غالبية الموظفين هو مرور اليوم بسلام وأقل خسائر دون أي احتكاك بالمدير.

ومنهم "النسوانجي" : الذي يعشق الجنس اللطيف على حساب الرجال الغلابة الذين يستمتع بإذلالهم حتى يستمر هو "الديك" الصيّاح الأوحد بالمكان!

                   إقرأ أيضا: كيف تبدو وتتصرف كقائد في مكان عملك؟

ومنهم الذين يظن أنه "مدرسة": أي فن ولعب وهندسة! وأنه معلم كبير خلق ليرشد الحمقى الأغبياء الذين يعملون تحته إلى النور والعلم!... وهناك بالطبع فريق من المرؤوسين يدركون ذلك، ويوميا يقولون له (بكل الطرق والوسائل) كما قال سعد لمجرد: "إنت معلم! وإحنا منك نتعلم!" فيفرح وتنشرح أساريره ويعود لبيته سعيدا ويشرب كأسا أو كأسين في صحة الحمقى!

ومنهم "خيال المآتة" أو "المدير الإمعة": لا يهش ولا ينش لا يدفع ضررا ولا يجلب منفعة ولا يدافع عن موظف ولا يريد أن يدخل في أي مشكلة مهما كان حجمها، وشعاره في الحياة: " ربنا يطلعنا منها على خير" وهم كثرٌ في دواوين الحكومة.

ومنهم "غريب الدار": الذي يجلبوه من دولة أخرى أو منظمة أخرى أو مؤسسة بعيدة تماما عن مجال العمل ليدير "الشو" بعقلية لا تفهم أبجديات الناس، ولا إنجازاتهم أو تاريخهم الذي قد يكون مشرفا؛ بل وأساسيات العمل في هذا المكان أو هذه الدولة! فيصبح الأمر مهزلة ترهق الجميع وتكدر حياتهم حتى يذهب من حيث أتى بعد أن ذبحت قرابين النعاج وكثر الهرج والمرج وساد التوتر في الأجواء لفترات!

وأكثرهم "الودني" أو "الرجل أو المرأة الأذن":  يستمع لكل تملق ولكل كلمة يبدو من "البادي لانجودج" أو لغة جسد قائلها أنه العالم ببواطن الأمور الذي يريد مصلحة العمل ورفعة المدير! ؛ وهنا حجز الزاوية، حيث أن المهمة الأولى لأي مدير والهم الأوحد في حياته هو جمع المعلومات: عن السوق، عن الشركة، عن المنافسين، عن الموظفين، عن المديرين الآخرين، عن كل صغيرة وكبيرة... شغلته  الأساسية هي تجميع البيانات، وهو هنا يحتاج لفريق من "العصافير" و"الهداهد" و"كبراء البصاصين" و"العسس" و"الغربان" و"البوم" الذين يتحلقون ويلتفون حول كل من له سلطة عليهم أو أي ثقل في المكان ليعطوه ما يريد بالمجان، فهم على الجانب الآخر: مرضى ويحتاجون للمدير للحماية وليمارسوا معه طقوس مرضهم، ألا وهي "العصفرة" أو "الهدهدة" أو سمها ما شئت من ألوان التجسس والنميمة على خلق الله؛ وهم في ذلك يتحملون ألوان الذل في خدمة المدير خدمة العبد للسيد بسرور وفرح جم ليتقربوا منه بكل وسيلة، بداية من حمل الحقيبة وحتى شراء طلبات المنزل وقضاء احتياجات المدير وعائلته!

إن المدير غالباً وفي أحسن الأحوال، لا يفعل شيئا سوى التعقيد! ... نعم، تعقيد مسار العمل بإجراءات وممارسات وتقارير لا قيمة لها سوى إبراز نجمه وتلميعه في آفاق الشركة، أو تعقيد حياة الناس بحب السيطرة على حياتهم داخل وخارج مكان العمل ليبدو لمن عينوه مهيمناً ويستحق الكرسي؛ والأدهى والأمر أن راتبه الكبير جدا يثقل كاهل المؤسسة ويعد عبئا على الجميع!.. فهو يستهلك جزءا كبيرا مما تكسبه الشركة في قائمة مزايا لا حصر لها: أولها الراتب والسيارة وآخرها مكافأة نهاية الخدمة التي تقتطع من صافي أرباح الشركة في نهاية العام، ليقال للموظفين في نهاية العام: " عفوا، لا يوجد بونس ولا مكافآت هذا العام"؛ مديركم أولى!

وأذكر أنه في عام من الأعوام حققت شركة كنت أعمل بها أرباحاً تاريخية لم يسبق لها مثيل منذ إنشاء الشركة في الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك لأننا قضينا هذا العام بالتحديد بدون مدير! .. نعم لقد كان منصب المدير شاغرا لمدة عام وكان غياب منصب المدير كافيا لتحقيق هذه الأرباح التاريخية بمجرد توفير راتبه! وكان عاما من أسعد الأعوام التي قضيناها في هذه الشركة نحن الموظفين ودون أدنى تقصير!

وكان ينبغي على الإدارة العليا أن تتأمل هذا الموقف وتقف عنده وتكمل لعام آخر بدون مدير وترى النتيجة! وهو ما لم يحدث! .. وأتوا بمدير وانتهى عصر الأرباح وبدأت الخسائر الفادحة وتسريح العاملين من يوم رأينا وجهه وحتى يومنا هذا!


فكرت كثيرا وبعد تفكير عميق، وجدت أن الوصول لمناصب الإدارة في دنيانا ليست لهم مبررات منطقية سوى "الحظ" ، وتعريف الحظ هو: أن تتواجد في المكان الصحيح في الوقت الصحيح، وبالطبع مع المساندة ممن هم فوق، فضلا عن بعض الصفات الشخصية التي يجب أن تتوفر في هذا المدير المحظوظ مثل: القدرة على التملق والتحكم في النفس واللسان عند الحاجة، والتحلي بالكثيييييييير من "أدب القرود" مع الكبار! أما في الجهات الحكومية فهي "الأقدمية" أو "القرارات التعسفية"، وكله بجرّة قلم!

وصدق شاعرنا المتنبي حين قال: ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى, عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ.
***
 إعداد: المنسي
للمراسلة: enbee.info@gmail.com



تنمية بشرية – تطور وظيفي – ارتقاء مهني
Searches related to تعسف اداري
التعسف في استعمال السلطة
التعسف الوظيفي
التعسف الاداري
ما الذي يغير اهتمامك بسرعه
نموذج شكوى ضد مدير
صيغة شكوى ضد مدير ظالم
كتابة شكوى ضد مدير
صيغة خطاب شكوى ضد موظف
Searches related to تعسف الادارة في مكان عملك
هل يجوز نقل الموظف دون رغبته
كيف تتعامل مع المدير الخبيث
كتابة شكوى ضد مدير
كيفية التعامل مع زميل العمل الحقود
تكليف الموظف بغير مسمى وظيفته
حقوق الموظف الحكومي
كيف تعامل الناس بذكاء

حقوق الموظف السعودي في القطاع الخاص 

شارك الموضوع وتابعنا على الفيسبوك (عوالم منسية) أو تويتر أو  اشترك بالقائمة البريدية ليصلك كل جديد على بريدك  |للتعليق:  اضغط هنا 


تأملات - الادارة - المدير - علم الادارة - انواع المديرين
Searches related to مدير حمار
معنى حمار بالهندي
معنى كلمة مدير باللغة البنغلاديشية
معنى كلمة مدير بالباكستاني
كلمات بالبنغالي
معنى مدير بالهندي
معنى كلمة مدير بالانجليزي
كلمات لغة بنغلاديش بالعربية
Searches related to مدير
معنى كلمة مدير بالانجليزي
معنى كلمة مدير مدرسة بالانجليزي
معنى manager
الفرق بين manager و director
كلمات بنغالية ومعناها

تعليقات

إقرأ أيضا الموضوعات الشهيرة الأخرى

نجمات "بورنو" شهيرات يكشفن حقيقة الأفلام الإباحية –(الحلقة الأولى)

​الدب والأرنب: عبثٌ في مراحيض الغابة

رحلة إلى مدينة هامبورج ألمانيا

قصة الراهبة المصرية التي أسلمت على يد النبي محمد عام 1970

ماذا يحدث حين تقول " لا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك"؟

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الثالثة)

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الأولى)

معنى الصديق اللدود: كاريكاتير الذئب الحكيم والخروف الحزين

ما هي الجمارك المستحقة على شيفروليه كروز موديل 2012 سعة 1600 سي سي؟

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الرابعة)