يوميات مترجم حر:: مأساة المترجم حين "يزن" على فلوسه

قرأت رسالة أستاذة مترجمة فاضلة على أحد مجموعات المترجمين الهامة على "الفيسبوك"، تشتكي من عميل- وهو جهة لها اسم رنان- قامت لهم بأشغال ترجمة كثيرة، وحين جاء وقت الدفع ماطلوها -رغم تكرار مطالباتها- على دفع استحقاقاتها المالية عن الترجمة،
وحين دفعوا لها حقها بعد فترة، أبلغوها برسالة فيما معناها إنهم لا يرغبون في عضو "زنان" بين فريقهم! أي أنهم يلفظونها ولا يرغبون في التعامل المستقبلي معها لمطالبتها بحقها بدلا من أن يطويه النسيان! – وهذا أمر قد يحدث بالفعل: ففي مهنة الترجمة "يضيع الحق الذي ليس وراءه مُطالب" بكل تأكيد!

فهناك فئة من المسئولين بالشركات، يتذكرونك فقط إن كانت لهم منك حاجة – وفي هذه الحالة هي الترجمة التي في الغالب تكون مطلوبة بشكل عاجل – وبعد استلامها فهم ينسونك كلياً!! وان لم تذكرهم مراراً، فلن يتذكروك من تلقاء أنفسهم، إلا إذا جاء شغل آخر!، فعندها يتواصلون ويتذكرونك ويسألون عن صحتك وكيف قضيت عطلة نهاية الأسبوع! وقد يسددون المستحقات القديمة على الفور! حتى يكون لهم "عين" على إرسال شغل جديد لك!

وللتوضيح أقول، هناك جهات "قطاع خاص" كثيرة في العالم "شغالة بمبدأ حين ميسرة" يعني "لما نقبض نبقى نقبضك" ومنها "وكالات الدعاية والإعلان"، أي أنهم حين يستلمون مستحقاتهم المالية من العملاء، يدفعون "لمزودي الخدمات" – (ويقع المترجمون ضمن هذا التصنيف، وكل من يتشغل معهم بالقطعة وغيرهم من الموردين وورش التصنيع والمطابع وغيرها من المتعاونين معهم من الخارج) وقد يستغرق الأمر شهور من الانتظار المرير والقلق حتى قبض المبلغ أو حتى جزء منه.  

وليس بالضرورة أن يكون العميل "حرامية" أو "نصابين" ولكن الإدارات التي تتعامل مباشرة مع المترجم، تتعامل بدورها مع الحسابات، والحسابات تتعامل مع المدير المالي ثم المراقب المالي ثم "رب العمل وصاحب المال" أو المدير العام الذي يوقع على صرف المبلغ، ثم عودة "الشيك" على نفس المسار مرة أخرى حتى وصوله إلى جيب المترجم الذي قد يكون "نشف" دمه من القلق على فلوسه. وهذه "لفة" طويلة قد تستغرق أسابيع أو شهور – لغياب أحد المسئولين المذكورين ضمن هذه السلسلة في سفر أو إجازة سنوية أو ما إلى ذلك من الأسباب، فيتعين الانتظار لحين وجود الجميع على مكاتبهم للتوقيع على الأوراق.

أما بالجهات الحكومية أو شبه الحكومية، فصرف الاعتمادات المالية يكون خاضعاً للروتين الذي قد يستغرق شهوراً طويلة و"موت يا حمار على ما يجيلك العليق" ، وفي هذه  الحالة مطلوب الصبر و"طولة البال" مع المتابعة على فترات متباعدة لحين "الفرج".

والجهات حين "تتبرم" من "زن" مترجم أو أي متعاون معهم، فلهم بعض الحق، فالأمور المالية في الغالب ليست بيد شخص واحد ولا محيص عن الانتظار لبعض الوقت – وذلك شائع على مستوى العالم – ومنها أمريكا – مثلا: فالشائع أن يقبض المترجمين مستحقاتهم خلال شهر أو نحوه من رفع الفاتورة – والعهدة على الراوي وهو مترجم أمريكي مخضرم يروي تجاربه باستمرار على مدونته الشخصية.

كما أن الشركات وغيرها من الجهات تفترض أن المترجم  المحترف، على علم بهذه الأمور، ولن يكون مصدر إزعاج بالنسبة لهم، أو يضيف عبئاً إضافياً لأعبائهم بمطالباته وضغطه المستمر.

أما عن كيفية التصرف في هذه الحالات:
  •  فمطلوب الكياسة في التعامل، يعني عدم السؤال كل يومين مثلا، مطلوب المباعدة بين فترات السؤال بشكل يرضيك وفي نفس الوقت يخجلهم منك، ويشعرهم أنك لم تنس فلوسك وأنك متابع.
  • ويمكن "الضغط بشكل لطيف" على الأفراد الذين يرسلون لك "الشغل" ويستلمونه منك، لأنهم هم من ستتأثر مصالحهم بشكل مباشر في حال نفورك من العمل معهم أو عدم تسليمك العمل في الوقت المحدد. وهذا هو هدفك: ابحث عن الشخص الذي سيتأثر مباشرة بعملك وأشركه معك في شكواك.
  • كما أنه من الحكمة التواصل مع أحد الأفراد العاملين في المكان ويفضل من الإدارة أو الحسابات للمتابعة عن كثب وإبلاغك ببواطن الأمور ويفسر لك الغامض من الأفعال: مثلا ( يعني عدم وجود مبالغ مالية كافية أو غياب مدير أو سفر محاسب أو غيرها من الأسباب التي لن تعلن لك في رسالة إلكترونية رسمية.)
  • وعند استلام "فلوسك"، وفي حالة إرسالهم شغل آخر لك، عليك بتذكيرهم بمعاناتك في المرة السابقة! ولذلك أظهر لهم نفورك من العمل معهم مرة أخرى! وعندها قد تتمكن من أن تأخذ عليهم وعوداً – قد -  تسهم في تسريع صرف مستحقاتك هذه المرة.

وعلى أي حال، فكثرة مثل هذه التجارب تجعلك خبير "باللاعبين" في السوق! لأنك قد اختبرت خيره وشره،  وبمرور الوقت، ستستطيع التمييز بين الغث والسمين في السوق أي: العملاء الجيدين الذين يجب أن تتمسك بهم مهما كلفك الأمر من جهد أو تعب أو انتظار؛ وبين من عليك أن "تشوطهم" من أول وهلة غير مأسوف عليهم!

وأخيراً، إذا رأيت في ذلك خيرا، عليك بتحذير زملائك رفقاء الدرب من "الأفاقين" الذين قد تتعثر بهم أثناء سيرك على درب الارتزاق من مهنة الترجمة، فذلك من شأنه تضييق الخناق على "النصابين" وسيئي النية في هذا العالم.

بقلم: م.ن  
مترجم حُر وكاتب نصوص إعلانية عربية


رابط الموضوع للمشاركة: http://goo.gl/cOAY1n

إذا أعجبك الموضوع: تابعنا باستمرار من خلال صفحتنا على الفيسبوك: مجلة لاكي سترايك

مترجم - ترجمة - كوبيرايتر - كاتب نصوص - اعلانات - وكالات - مترجمين - مترجمون - مترجم حر - ترجمه - دوام كامل - عبودية - وظيفة - دوام جزئي - الهروب  الكبير - الهروب - دليل - دليلك - المترجمون -الترجمة

تعليقات

إقرأ أيضا الموضوعات الشهيرة الأخرى

نجمات "بورنو" شهيرات يكشفن حقيقة الأفلام الإباحية –(الحلقة الأولى)

​الدب والأرنب: عبثٌ في مراحيض الغابة

رحلة إلى مدينة هامبورج ألمانيا

قصة الراهبة المصرية التي أسلمت على يد النبي محمد عام 1970

ماذا يحدث حين تقول " لا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك"؟

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الثالثة)

معنى الصديق اللدود: كاريكاتير الذئب الحكيم والخروف الحزين

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الأولى)

ما هي الجمارك المستحقة على شيفروليه كروز موديل 2012 سعة 1600 سي سي؟

مخرج "بورنو" شهير يكشف حقيقة الأفلام الإباحية – (الحلقة الرابعة)