أماندا تود - ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
قبل أن اسرد مقالي هذا اود ان اعتذر مسبقا عن بعض الكلمات التي قد يجدها البعض غير لائقة و اود ان الفت نظر اخواني القراء الي الالتفات الي الغرض من المقال و ليس معاني بعض الكلمات.
فقد اجلت كتابه هذا المقال لفترة, لثلاثة اسباب:
اولها انني لم ارد ان افسد فرحه عيد الأضحى المبارك.
وكذلك حتي تنتهي التحقيقات.
و اخيرا لأن ما حدث قد حدث ... فقد انتحرت اماندا تود.
اماندا تود هي تلميذة ,دون الخامسة عشر ,كانت تعيش حياه رتيبة, تجسد حياه معظم ابناء هذا الجيل الاب و الام دائما مشغولان في العمل و الابناء بمفردهم امام شاشه الكمبيوتر.
وتقع الابنة فريسه وهم اقامه علاقات ناجحة من خلال مواقع الدردشة و التواصل الاجتماعي (بهرتني كثيرا بقوتها واعجبت بشجاعتها وانا اتابع علي اليو تيوب من خلال حوالي مائتين ورقه مكتوب عليها بالتتابع في شكل جمل قصيره) كيف اعترفت بشجاعة بخطيئتها و مشكلتها امام العالم كله و ليس امام قس اعتراف , و اتعجب كثيرا كيف احتملت كل هذا العذاب ,الا انها فاجأتني بعدها بأسابيع فقط بانتحارها .
بدأت مشكله الفتاة منذ حوالي سنتين في كندا عندما بدأت في التواصل مع شخص بعينه عبر الأنترنت نجح في خداعها باسم الحب و طلب منها ان تخلع ملابسها امام الكاميرا( نصفها الأعلى فقط) و بوسائل تقنيه حديثه سرعان ما التقط الصورة وتغيرت كلمات الحب لتصبح كلمات ابتزازيه شرسة.
حاولت الفتاه محاولات يائسة للتصدي له الا انه استمر في تهديدها بإرسال الصورة الي والديها و اقاربها و مدرستها اذا لم توا فق علي الظهور امام الكاميرا مره اخري و مع رفضها و تجاهلها له نفذ تهديده و كانت هديه الكريسماس بالنسبة لها هو ابلاغ الشرطة الكندية لها في بلاغ رسمي ان هناك صوره عاريه لها يتم تداولها عبر الانترنت!!!.
لم تحتمل الفتاة المسكينة الصدمة لتدخل بعدها المستشفى في حاله من الانهيار العصبي و لم يفلح معه انتقالهم للسكن في منزل جديد, استمر تداول الصورة و مع ظهور شيطان الانترنت الجديد و هو موقع الفيس بوك اتاح له فرصه اكبر و اوسع انتشارا لفضحها و ابتزازها, فسرعان ما انشأ صفحه فيس بوك جديده باسمها و الصورة الأساسية بالطبع هي صورتها الفاضحة ارسل الصورة لجميع اصدقائها و معارفها حتي اضطرت لتغيير المدرسة و السكن اكثر من مره و في كل مره كان يتعقبها
و يرسل الصورة المذكورة لمجموعه الزملاء الجدد و المعارف و سرعان ما بدا التلاميذ الاخرون يتعاملون معها بشكل مهين و ينعتونها بأسماء مثل نجمه الاغراء – فتاه الغلاف – العاهرة الصغيرة.
ازداد الالم النفسي و قام بعض الطلبة بالتحرش بها و ضربها حتي حاولت الفتاه الانتحار عن طريق شرب الكلور, تم انقاذها و ما ان خرجت من المستشفى حتي وجدت رسائل اخري اكثر اهانه علي مواقع التواصل الاجتماعي و رسائل شماته اخري بعد محاوله الانتحار الفاشلة دخلت بعدها الفتاه في دوامه من الاكتئاب حاولت حلها بعدم الخروج من المنزل و تعاطي الكحوليات و المخدرات الي حد دخولها المستشفى مره اخري , تعافت و خرجت من المستشفى لتجد جميع الزملاء في المدرسة في شبه حركه جماعيه لإهانتها و السخرية منها.
في العاشر من اكتوبر 2012 و بعد سردها لمشكلتها عبر اليوتيوب في ما يشبه الاستغاثة و طلب الرحمة ممن يبتزونها و يسيئون اليها ,ضعفت و خارت قواها مره اخري, رغم تجاوب العديد من المتابعين للفيلم القصير و الذي استمر لمده 9 دقائق و رغم تشجيعهم لها علي الصمود الا انها شنقت نفسها لتترك العالم بما فيه من صراعات و سخريه و اهانه.
القصة هنا ليست قصه فرديه و ليس المهم ما فعلته الفتاه بنفسها و ما فعله الاخرين بها المهم الان هو دق ناقوس الخطر و لفت انظار أعزاءي القراء لبعض النقاط الهامه التي استنبطتها و اود مشاركتها مع اصدقائي:
*يذكر الخبراء ان الشرقيون عموما يستخدمون الفيس بوك بشكل مختلف عن الاوروبيون بشيء من التساهل و عدم الاكتراث.
قد تجد في الصفحة الواحدة و( البروفايل) الكثير من المعلومات عن صاحب الصفحة و اصدقائه و افراد اسرته بل زملاء العمل و مكان العمل و ما الي ذلك من البيانات التي من المفترض ان تكون محاطه بشيء من الخصوصية و السرية.
*العديد من الصور هي صور عائليه و بعضها صور حميمه لفتيات بالمايوه او في احضان صديقها الاسبق او خطيبها او حتي زوجها دون اتخاذ اي اجراء وقائي تجاه تلك الصور فيمكن لأي شخص الاطلاع عليها و تحميلها علي جهازه الخاص و استغلالاها في اي شكل, ينسي او يتناسى العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وجود برامج الفوتوشوب و الكوريلدرو وغيرها لتزوير و تغييرو تركيب الصور.
*كم منا قرأ شروط الاستخدام عند فتح حساب علي الفيس بوك؟ و عرف انه بالموافقة علي انشاء صفحه علي الفيس بوك فانت توافق ضمنيا علي نشر المعلومات الموجودة بصفحتك للأفراد و لأي جهة رسميه قد تطلب ذلك من الشركة مالكه الموقع؟؟
*كم منا يعرف انه يمكن اخفاء برنامج تجسس او برنامج فيروس مدمر داخل صوره؟
*كثير منا شاهد صفحات لأطفال صغار دون الثامنة !!! دون وعي من الوالدين او رقابه علي ماذا يضع هؤلاء الأطفال في صفحتم و ماذا (ينشرون)او(يشيرون) او اي ا لموضوعات يضعون عليها علامه اعجاب (لايك)؟
*لا يركز الكثيرين في موضوع طلبات الصداقة و يوافقون لكل من (هب و دب) علي طلبات الصداقة دون حتي زياره البروفايل الخاص به لمعرفه من هو او علي الاقل اي بيانات عنه مثل اهتماماته او من هم معارفه واصدقائه.
*لا ينتبه او يقرا العديد من القراء للمواد او الصور المرسلة اليهم فيتم نشر مواد غير مفيدة او روابط ( لينكات) لمواقع (سبام) او لمواقع ترويج منتجات او حتي مواقع إباحية او الحاديه دون قصد او حتي عن عمد.
*لا يعرف الكثيرين ان هناك العديد من المواقع التي تقدم خدمه الحصول علي دوره تدريبيه (اونلاين) برسوم بسيطة في فن التعامل مع الانترنت و محاولات القرصنة و الابتزاز و الجريمة الإليكترونية.
عوده مره اخري لقصه اماندا
استطاعت المجموعة الشهيرة( انونيمس) و هي لمن لا يعرف من اشهر مجموعات (الهاكرز و فن التتبع في الانترنت) التوصل لمعلومات عن هويه الشخص المبتز للفتاه المسكينة فهو موجود في الولايات المتحدة و ليس كندا و كان يبتذها من وراء الحدود توصلت المجموعة ايضا الي انه يبلغ من العمر 32 سنه و ليس في مثل عمرها كما اوهمها, لم تستفد الشرطة كثيرا من المعلومات و لم يتم القبض عليه.
فكرت وقرات كثيرا في ذلك الموضوع و توصلت الي بعض الاجتهادات الشخصية و الافتراضات المتواضعة من جانبي عن كيفيه تتبعه لها علي ( موقع الابتزاز الاجتماعي) اقصد التواصل الاجتماعي :
*كيف كان من السهل عليه رغم انتقالها الي مدارس اخري و مساكن اخري تتبعها في كل مره ؟
كان يتتبع صفحتها الشخصية!!
التي لم تقم بإغلاقها و يتخفى في صوره صديق جديد و يبعث لها بطلب صداقه بمسميات و صور جديده مختلفة في كل مره قد تكون في شكل فتاه او في شكل فتي في مثل عمرها.
حتي بعد اغلاقها لصفحتها كان يحتفظ بقائمه من اصدقائها و معارفها و اقاربها وعن طريق هؤلاء كان يستطيع التوصل اليها مره اخري .فصديق واحد مشترك قد يوصلك للشخص المطلوب.
حتي بعد انتقالها الي مدرسه جديده كان يبعث بطلبات صداقه الي زملائها الجدد في نفس المدرسة بحجه انه طالب مثلهم سينتقل لنفس المدرسة قريبا و يريد تكوين دائرة من الاصدقاء قبل وصوله للمدرسة و من هناك كان يبدا من جديد في ارسال الصور للمعارف الجدد في المدرسة و من قائمه الطلبة الجدد الي مدرسيهم و معارفهم ايضا.
*كان من السهل علي الزملاء الجدد تحميل صورتها المشينة علي اجهزه المحمول لتتسع دائرة الاضطهاد و الابتزاز
*ساهم هؤلاء الطلبة في احكام دائرة الخناق علي اماندا و ساعدوا الشخص المبتز بشكل غير مباشر فبدلا من ان يدعمونها و يقفوا بجانبها ساعدوه بمزيد من السخرية و الاضطهاد حتي وصلت لمرحل الانتحار.
تعليقات