نبش النباش.. في أمر زهرة الخشخاش
بما أننا نتكلم عن الورد، كنت أود أن يكون العنوان على شاكلة ( بدائع الزهور في وقائع الدهور) وما إلى ذلك من العناوين التي تفوح بعبق الزهور والتفاؤل وحكم الدهور، ولكن يأبي العنوان إلا أن يبرز فيه (النبش في القبور) لبحث أمر (الخشخاش).
· والسؤال الأول هو:
من كان يعرف أصلا بوجود لوحة زهور الخشخاش في مصر – باستثناء طلبة الفنون الجميلة وزوار المتحف القلائل من الأجانب والأكاديميين المصريين ؟
· من كان يعرف بوجود هذا الكم من اللوحات العالمية التي تقدر بمليارات في هذا المتحف المهجور؟
· كم واحد يعرف قيمة محتويات المتحف بخلاف العاملين فيه؟
الشعب المصري لم يكن يعرف أن مثل هذه الأشياء الثمينة - التي نسمع عن بيعها بالملايين في نشرات الأخبار - موجودة في مصر! ..الشعب المصري قد لا يعنيه "الخشخاش"، فالكل مخدر بمشاكل الخبز ويتعثر في مصيبة تلو الأخرى وهي تتوالى بشكل يومي.
ولكن فجأة، تصبح مصر في الأخبار العالمية ومادة خبرية في وكالات الأنباء العالمية.... بل وتتساوى مع المتاحف العالمية في نصيبها من السرقات الشهيرة والمغامرات المثيرة في حل شيفرة هوية السارق واكتشاف المسروق...
وفجأة – تنقلب الدنيا ويصحو الجميع على الأخبار الصحفية والتقارير تقول أن متحف محمد محمود خليل "المعروف في الأوساط العالمية بأشهر وأغنى متاحف الشرق الأوسط بالتحف الفنية وما ندر، اذ يقدرون قيمة ما يحتويه في طوابقه الثلاثة في القاهرة بأكثر من ملياري دولار، ففيه أكثر من 300 لوحة لفنانين عالميين - وفي قول آخر: 304 لوحة لـ 143 فنان – قيمتها 8 مليارات جنيه مصري – أو 1,2 مليار دولار -
أما "أزهار الخشخاش" فيقدرون ثمنها بما يزيد عن قيمة كل أزهار الخشخاش النابتة حالياً في بريات العالم، أي بما يزيد عن 55 مليوناً من الدولارات" – على حد نص الخبر في موقع العربية.نت.
وتنتهز جرائد المعارضة مثل (الدستور) وغيرها المناسبة لتشبع لطم وتمارس وصلات من (الرقص النقري) على دماغ الحكومة- وأهي فرصة جاءت على الطبطاب بعناوين ومانشتات رهيبة غريبة مثل :
ولم لا؟ فمن بين 43 كاميرا للمراقبة لا تعمل منها سوي 7 فقط !!! – الإهمال المجسم.
والجدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية التي تسرق فيها هذه اللوحة – وفي الغالب لن تظهر مرة أخرى – فما يسرق في هذا الزمان لا يعود أبدا.
وعلى رأي المثل: المال السايب يعلم السرقة. ولما ساب المتحف سرقها من عرف قيمتها في غفلة الجميع.
وما أن تحدث المصيبة حتى تبحث الحكومة – كعادتها – عن كبش الفداء ليكون العنوان التالي :
حبس رئيس قطاع الفنون التشكيلية 4أيام في قضية سرقة لوحة «زهرة الخشخاش«
مصر المحروسة – لا يصحو أهلها إلا في أعقاب الكوارث ولفترة محدودة وسرعان ما يغط الجميع في النوم مرة أخرى.
ثم يظهر المتشدقون والمتثاقفون وخبراء الفن العالمي ...
اللوحة سرقت وقت الصلاة
حسب موقع العربية.نت :" وألمح المؤرخ والناقد الفنى التشكيلي أسامة عفيفي إلى أن السارقين استغلوا وقت الصلاة لسرقة اللوحة، مستفيدين من خلو المتحف حينها. واعتبر عفيفي أن "ما حصل عبارة عن تهريج ويجب وضع حد له فهوس الصلاة الجماعية قد يكلفنا خسارة الكثير من القطع الفنية والاثرية وغيرها". وتابع "يجب ان يوضع حد لمثل هذه المسلكيات في الاماكن الهامة التي يجب الحفاظ عليها ولا يمكن للعمل ان يتوقف ويتعطل بسبب الصلاة". واضاف "اذا كان لابد من الصلاة في وقت العمل يجب حينها ان يتم تحديد المسؤوليات، وعدم ترك المكان دون الحماية اللازمة".
"هوس الصلاة الجماعية؟!!!" .. أسلوبه مستفز للمشاعر الدينية – خاصة ونحن في شهر الصلاة والصيام - ولكن رأيه سليم 100 % - الدراويش المتواكلين في كل مكان!! . – مع إن الرسول ﴿صلعم﴾ قال: اعقلها وتوكل. ولم يكن ليرضى عن التقصير وقد قال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.
وهكذا مصر، من "أزمة الحشيش" إلى "سرقة الخشخاش" يا قلبي لا تحزن.
تعليقات