مذكرات شاب عاش منذ ثلاثون عام
لم يعلم ذلك الشاب ان لعبه السياسه لعبه خطيره وقديمه موغله في القدم ,قدم الحضاره المصريه ذاتها كما لم يعلم ايضا ان مذكراته ذاتها قد كتبها شاب اخر عاش منذ خمسه الاف عام.
استغرب الشاب كثيرا ,فكلما جلس فرعون جديد علي العرش فسرعان ما كان يقوم بمحو اسم سلفه من جميع الاثار وكتابه اسمه هو بدلا منه وكانه يقوم بمحو ذكره من ذاكرة الشعب وتعجب الشاب كيف كانت تنطلي تلك الخدعه علي الشعب منذ سنين فقد تم محو اسم السادات ليحل محله اسم مبارك كما تم محو اسم محطه مترو رمسيس " الفرعون الاول" ليحل محله اسم "الفرعون الاخير" واخيرا تم محو اسم الفرعون ليحل محله اسم "الشهداء" كمحاوله يائسه لللعب علي مشاعر الشعب المستاء.
لم يعلم ذلك الشاب ايضا ان ذلك الشعب الثائر الساخر يحركه عنصرين اساسيين هما "الدين والاعلام" فذلك الشعب قد يناقض نفسه في كثر من الامور الا ان الدين يظل هو حجر الزاويه في علاقته بكل ما حوله بل علاقته بنفسه ايضا ولذلك و منذ القدم ايضا تعددت الالهه فكان لكل قريه معبودها الخاص و معابدها الخاصه وسمح الفرعون بتعدد الالهه بل شجع الاعياد و الاحتفالات لانها الفرصه الذهبيه لالهاء الشعب التعيس عن المطالبه بحقوقه او اصلاح احواله او حتي القيام بواجباته ولسبب اعلامي موجه ملآ جدران المعابد الخارجيه بمناظر معاركه الحربيه وهو يقود الجيوش في بلاد قادش تمجيدا لانتصاراته بشكل مبالغ فيه وهي نفس السياسه التي خدع بها الاعلام ذلك الشاب لمده تزيد عن ثلاثين عام حفظ خلالها عن ظهر قلب اوبريتات نصر اكتوبر العظيم والضربه الجويه وزار صغيرا بانوراما حرب اكتوبروشاهد فيلم بدور وبكي في فيلم الرصاصه لا تزال في جيبي ومنعه ذلك الشعور بالعرفان بالجميل لقائد الحرب و السلام من مجرد التفكير في احواله هو كمواطن مطحون سبقته عدة قطارات منها قطار العمر و الزواج و الوظيفه و هو مازال محلك سر لم يستطع ان يتوقف لحظه واحده لينظر الي الوراء الي انجازاته هو علي المستوي الشخصي مقارنه بانجازات القائد العظيم تماما كاحوال جده المصري القديم الذي تعلقت انظاره بسجل المعارك الحافل علي جدران المعابد الخارجيه وهي تصور انتصارات القائد العظيم و اخبار الضربه الجويه التي فتحت باب الحريه بينما تعلق قلبه بالاحتفالات والموالد الدينيه و الليله المحمديه وصلاه العيد من مسجد شرم الشيخ بينما لا يستر جسده النحيل الذي تنخر فيه الامراض و سوء التغذيه الا القليل و كان اقصي طموحه هو السعاده الابديه في العالم الا خر حيث سيعمل حتما في حقول سيده الفرعون في العالم الاخر و هو نفس اسلوب التفكير الذي حدي بالجماهير الغفيره الاقل حظا و التي علقت امالها و فشلها و قله حظها و حيلتها علي المهدي المنتظر الجديد "التيارات الاسلاميه وابرزها جماعه الاخوان المسلمون" فقد نظرت اليهم الطبقات الكادحه و دون وعي او تفكير وكانهم يملكون عصا موسي و مفتاح الجنه و قادرون علي انزال المطركالنبي سليمان والحقيقه انهم كانوا الاقرب الي عقل و قلب الجماهير لا لشئ غيبي فهم لا يوحي اليهم و لكن السر في الوصفه السحريه :اطعم الفم تستحي العين ,فهم و منذ سنوات الحظر و رغم كونهم جماعه محظوره الا ان العمل السري الخيري لم يتوقف فلم يكلوا او يملوا من اطعام الفقراء و بناء المستوصفات الخيريه و تقديم لحوم الاضاحي و تجهيز شنط رمضان مما جعلهم الاقدر عندما دقت ساعه العمل علي حد قول الجرذ الراحل "الجرذافي" فقد دقت ساعه العمل و ردت الجماهير الكادحه الجميل و التفت حول المهدي المنتظر بينما ظلت الاحزاب السياسه الاخري محلك سر احزاب اسميه غير معروفه و نشاطها غير ملموس ربما لان الفرعون قلص ادوارها تطبيقا لسياسه ديكتاتوريه بحته تعود لقدم الحضاره الفرعونيه ذاتها. ينطبق ذلك ايضا علي احزاب شباب الثوره صغير السن قليل الخبره السياسيه و التمويل ايضا والتي لم تلتحم مع الجماهير بالشكل المطلوب.
توقف الشاب عن كتابه مذكراته ,خرج من تركيزه علي صوت احد الاجانب وهو يداعب سائق الميكروباس في خبث و الذي خدرته هموم الحياة قبل ان تخدره سيجاره البانجو التي يدخنها: انتم المصريون اخترعتم العربه الكارو ولكنكم لم تستطيعوا انتاج سيارة من الالف الي الياء بمكونات و عماله مصريه مثل ذلك الميكروباس الذي نستقله ,اشاح الشاب ببصره بعيدا عن الركاب, حيث اخترقت سمعه اصوات هتافات و شعارات تندد بالمجلس العسكري و شعارات اخري مضاده فاحكم اغلاق زجاج النافذه حيث ارهقته الهتافات و الشعارات ليل نهار,فصراع الديوك لابد ان ينتهي بمقتل احد الديوك بينما تصاعدت صوت اغنيه عشوائيه مخدره داخل الميكروباس.قرر الترجل والالتفاف حول الميدان حتي يستطيع الوصول الي شركه اعلنت عن طلب موظفين ,ولكن طلقه طائشه اصابته في قلبه مباشره اطلقها طرف ثالث غير معروف, سقطت المذكرات علي الارض وقد تلطخت بدماء الشهيد.
عثرت عليها بعد سنوات وسط الحطام والانقاض و ها انا انشرها لقرائي الاعزاء.
إذا أعجبك الموضوع: تابعنا باستمرار من خلال صفحتنا على الفيسبوك: مجلة لاكي سترايك
|
تعليقات