الرجل ذو البدله البيضاء الشاركسكين
عكفت منذ فتره على قراءه الكتاب الذي يحمل عنوان المقال:"The Man in the White Sharkskin Suit" و الذي اعتبره ايضا من الكتب المميزه و لست بصدد الحديث عن الكتاب او نقده فقد سبقني مدونين كثيرين في الحديث عنه و لست علي ذلك القدر من الثقافه لاقدم نقد موضوعي كما فعل عدد من الصحفيين و الكتاب و لكن موضوع الكتاب اثار داخلي مجموعه من الافكار قد تكون لها علاقه بما يحدث الان علي الساحه المصريه سواء السيايه او الاقتصاديه او الاجتماعيه واريد ان اشارك اخواني القراء معي في تلك الافكار...
ولمن لم يقرا الكتاب والذي اثار ضجه ما بين مؤيد و معارض هو سرد او سيره ذاتيه ترويه الصحفيه الامريكيه لوسيت لاجنادو وهي يهوديه مصريه الاصل و هو احد اسباب رفض بعض النقاد للكتاب حيث تسرد في سلاسه و بساطه احداث جرت لهم كعائله يهوديه عاشت في مصر خلال فتره الثلاثينيات و الاربعينيات حتي خروجهم من مصر بعد ثوره 1952 مهاجرين الى امريكا و ليس الي اسرائيل وكيف كانت حياتهم في امريكا صعبه و لم يتقبلهم المجتمع غلي عكس حياتهم السابقه في مصر مرورا باحداث كثيره حتي عودتها الي مصر كزائره عام 2005 لزياره الحي الذي سكنت فيه بل زارت نفس الشقه بعد ان سكنتها اسره مسيحيه اخري.
و الكتاب يعتبر مرثيه جميله لفتره شبه غامضه بل لشريحه هامه كانت جذء من نسيج المجتمع المصري لها ما له من حقوق و عليها ما عليه من واجبات اذا كانت هذه هي مرثيه الكاتبه فهناك مرثيه اخري لي ارجو ان يتسع صدر القارئ لسماعها فكم كان المجتمع متسامحا متقبلا للاخر و كم كانت حريه العباده مكفوله للجميع حيث تروي كيف كان يخرج والدها كل صباح الي المعبد حاملا كتاب الصلاه مرتديا القلنسوه اليهوديه و الكوفيه الشهيرتين دون ان يعترض طريقه احد.
نظره واحده علي واقعنا الان و ستدرك الفارق اصبح المجتمع احادي التفكير لا يقبل التعدديه سواء الفكريه او العقائديه ان لم تكن معي فانت حتما ضدي مسلمون بلا اسلام حقيقي يطالبون بخروج الاقباط من مصر او الرجوع الي عصر الجزيه و اشاعه واحده كفيله باشعال شبه حرب اهليه او فتنه طائفيه و تدخل سافر في حياه الاخر من اسلمت فلماذا اسلمت ؟ و ادعاءات بان المسلمون يختطفون النساء و يجبروهن علي الاسلام يقابله ادعا اخر ان الكنيسه تقوم بتنصير المسلمين و كانه ميكروباس بالاجره او تجميع للانفار لدخول الاسلام او المسيحيه اليس ذلك هو واقعنا الان؟
روت الكاتبه ايضا كيف كان يتجول والدها مساءا و يخرج للسهرفي اجواء القاهره الجميله مرتديا بدله جلد سمك القرش و كيف كان المجتمع متقبلا للجنسيات الاخري وكيف كانت المحلات الوطنيه ان ذاك و التي اقامها المستثمرون ايا كانت دياناتهم مثل شيكوريل و صيدناوي و عمر افندي و معظمها استثمارات يهوديه و كيف كانت تتباري فيما بينها في تقديم احدث الموديلات حتي قبل نزولها الي اسواق باريس و كيف كانت محلات الحلوي مثل جروبي و غيرها تعرض ارقي انواع الحلويات و المنتجات علي مستوي اعلي مما تقدمه محلات اوروربا و تروي ايضا كم كان المهندسون الاوروبيون يتنافسون في تجميل القاهره يدل علي ذلك واجات المباني في ذلك العصر مثل واجهه عماره الايموبليا وغيرها
نعم سيدتي لم تعد الدنيا كما كانت في ذلك العصر الجميل فالمباني التي اشرتي اليها متهالكه الان و لولا و جود الوزير الفنان لمده عقدين من الزمان او اكثر و لولا وجودها بمصر لتحولت الي مزارا فنيا فدول اوروبا كلها لا يوجد بها اثار بالمعني المفهوم و لكن توجد بها مبان اثريه و واجهات منازل تم الحفاظ علي لونها و شكلها الاصلي حتي اصبحت من المعالم الاثريه مثل المنازل القديمه في فينا او ايطاليا و ما لم تفهمه الكاتبه ان المواطن المصري اصبح بشكل عام و بفعل سنوات القهر و السعي فقط وراء لقمه العيش لم يعد لديه تلك الحاسه الخفيه و هي حاسه تقبل الشئ الجيد و الجمال ورفض الردئ و القبيح فلم يعد فارقا وجود حتي و لو مساحه خضراء صغيره او حتي قصيص للورد في شرفه المنزل لم يعد مزعجا شكل اكوام القمامه علي ناصيه الشارع او حتي تلطيخ واجهات المباني الغير مطليه اساسا تقليلا للتكلفه بملصقات موسم الانتخابات و التي تظل من موسم الي اخر دون ان تثير اهتمام احد او حتي الاشمئزاز اختفي التطوير و التنافس الشريف و حل محله مبدا انشالله تولع وانا مالي لم يعد هناك جنسيات اخري سوي اللاجئين الاثيوبين و اللذين يستغلون فتره انتظارهم لميعاد المقابله الشخصيه مع القنصل الامريكي بالقاهره بعد اغلاق القسم القنصلي باثيوبيا حيث تعمل نسائهم كخادمات و الرجال كباعه علي الرصيف او في خدمه الدير الاثيوبي قرب محطه الدمرداش مثلهم مثل الاخوه السودانين و ذلك بعد ان ضاقت سبل العيش و اصبحت اضيق من عين البائع المتجول الصيني الذي يحيني في بلاهه كلما سافرت الي القاهره و هو يحاول ان يقنعني بشراء جهاز لتهذيب شعر الانف بدون الم
ما لم تعرفه الكاتبه ان تلك المباني التي بدت ايله للسقوط و التي فقدت جمالها مع مر السنين لم يدع تجار الجمله و التجزئه بئر سلم او حجره بدون ساكن او سطح منزل الا و استغلوه اما كورش لتزوير ماركات الملابس الشهيره او كمخازن لتخزين البضائع الصينيه الركيكه في منطقه العتبه و وسط البلد الشهيره.
لم يتبقي مما روته الكاتبه الا شئ واحد و هو مالفت نظري فلاول مره اقرا في كتاب بلغه اخري غير العربيه عن مفهوم الرحمه و التراحم و كيف كان يحنو الناس علي بعضهم و يتراحمون فيما بينهم حيث لم يختفي ذلك المفهم و لم يندثر مع ما اندثر فمازال الي الان هناك من سيمد يده بالمساعده و لو بالقليل و مازال هناك من سيساعد سيده مسنه في عبور الطريق او يرشد تائه الى طريقه او يساعد في فض شجار او حتي في ( الافتاء ) في تصليح سياره معطله علي الطريق و هو ما لن تجده و ستفتقده في اي دوله اخري.
ملحوظه: اليهوديه تختلف تماما عن الصهيونيه كمذهب سياسي وبدون اطاله تخيل معي يهودي عاش طوال حياته في المجراو هولندا مثلا لا يتكلم العربيه و لم يدرس قط في حياته اي شئ عن الصراع العربي الاسرائيلي هل من المعقول ان نعتقد كما غسل اعلام السنوات السابقه مخ الشعب المصري ان جميع اليهود يتكلمون بلكنه خنفاء و بخلاء تحاول نسائهم (ايستر بولونسكي) اغواء اي رجل مصري اسمر سمار النيل و تجنيده لصالح اسرائيل ؟ولكن هيهات فرجل المخابرات ( الريس ذكريا) دائما علي علم بما يحدث يستطيع دخول حفله خاصه داخل شقه مغلقه ليقول لجمعه الشوان مصر معاك يا جمعه)
|
|
|
شارك الموضوع وتابعنا على الفيسبوك (عوالم منسية) أو تويتر أو اشترك بالقائمة البريدية ليصلك كل جديد على بريدك |للتعليق: اضغط على "إضافة/إرسال تعليق" أسفل المقالة |
للمراسلة: enbee.info@gmail.com
غير مصرح بنقل الموضوع أو الاستعانة بالمادة لعمل فيديوهات إلا بعد موافقة الكاتب.
الرجل ذو البدله البيضاء الشاركسكين - كتب - كتاب
تعليقات
وأنا معاك في اللي إنت توصلت إليه في نهاية المقال
احنا تحولنا إلى مسخ للأسف ... أصبحنا في زمن المسخ
وسعيد بزيارتك يا باشمهندس
تحياتي العطرة