الخُرافات في الموروث الثقافي في مصر والشرق
تستيقظ الام وتتحول نظرتها المتثائبه المثقله بالنوم الي رعب عندما تنظر الي ولديها التوئم لتجد احدهما مجروح فوق الحاجب و عندما توقظه ....
ايه اللي حصل مين اللي ضربك ياضنايا؟؟
-انتي اللي ضربتيني لما خطفت السمكه و جريت
هنا تتذكر الام بالفعل انها ضربت قطه الجيران وهي تخطف سمك العشاء و لكنها لم تضرب ابنها-- كيف تضرب فلذه كبدها؟
قبل ان يظن البعض انني اسرد قصه خرافيه
او احد مشاهد افلام الرعب اريد ان اوضح انني ساتحدث اليوم عن الخرافات وتاثيرها علي الافراد و قراراتهم بل و افراحهم و احزانهم وجميع ما ساسرده اليوم من خرافات تقمصت دور الصحفي و اجريت استقصاءا سري بين مختلف طبقات الشعب المصري و تحققت من تغلغله و تمكنه من سيكولوجيه الانسان المصري حتي النخاع.
القصه التي ذكرت في المقدمه هي عباره عن اعتقاد خرافي سائد بين مختلف الاوساط الشعبيه بل و الطبقه المتوسطه ايضا مفاده ان ارواح الاطفال و التوائم بالذات تخرج اثناء نومهم و تدخل في اجساد القطط وتتجول بحريه وتكمن الخطوره في ان القط قد تصدمه سياره او يتشاجر مع قط اخر فتصاب روح الصبي وقد يموت اثناء نومه نتيجه ذلك و الحل الخرافي الامثل هو انه علي من رزق بتوائم الاسراع باطعامهم لبن الجمال و هو التعويذه السحريه المنوطه بابطال حالة التجوال هذه.
الدارس للشخصيه المصريه و المتعمق في رصدها علي مر العصور يجد انها غير مرنه و غير مستعده للتاقلم مع التغيير و التجديد لذلك نجد ان الاعتقادات الخرافيه في عصور ما قبل التاريخ قد اخذت شكل فرعوني في عصور مصر القديمه و مع دخول الاديان تباعا الي مصر اتخذت بعد الخرافات القديمه شكلا دينيا جديدا وان كان نفس الجوهر و لكن مشكله الانسان المصري انه ينسي سريعا ولا يتوقف لدراسه سلوكه و معتقداته فمثلا مازال معظم المصريين سواء اكانوا مسلمين أو مسيحيين يقيمون (ذكري الاربعين) لموتاهم متناسين انه لا اصل في الدين لقصه الاربعين يوما هذه و انما هي مدة الاربعين يوما التي كان المصريون القدماء يضعون جثث موتاهم في ( ملح النطرون) بعد استخراج الاحشاء لما يتميز به ذلك الملح من قدره عاليه علي امتصاص السوائل و المياه من الجسم
وكذلك فالاعتقادات قد تكون من اصول افريقيه وثنيه وتمارس في شكل (طقوس الفودو الافريقيه) الشهيره دون ان يفطن اليها الانسان فعمل (عروسه) من الورق ووخذها بالابر مع ذكر اسماء كل من تحوم حوله الشبهات في كونه السبب في مرض الشخص او الحسد الذي حدث للطفل مثلا و بعد ذلك عمليه حرق العروسه و البخور و ان تخلت الظاهره عن التمتمات الوثنيه الافريقيه لتحل محلها (سوره المعوذتين و ايه الكرسي) وتحولت التميمه المصريه القديمه-دجت- و(هي علي شكل يد ذات خمس اصابع الي خمسه و خميسه الشهيره) كما تحولت (عين الاله حورس) الي تميمه (العين صابتني ورب العرش نجاني) المعروفه ولا يوجد سبب واحد يدعو الي تلطيخ الابواب و الجدران بالدماء علي شكل كفوف ايضا الا الاعتقاد الوثني الموغل في القدم والذي كان يصاحب تقديم القرابين للالهه, كذلك قد تسيطر علي الانسان معتقدات غير مفهومه تاخذ شكلا من اشكال الدين دون تفسير لاصلها مثل الاعتقاد ان فتح واغلاق المقص في الهواء يجلب النحس او الشبشب المقلوب او ان كنس المنزل ليلا يجلب الخناق والنكد مما يجعل الزوجه المضطره لذلك الي ان تتفل في المقشه و ان كانت من عليه القوم ان تتفل في اسفل المكنسه الكهربائيه او عندما يسقط طفل علي الارض ان تسمي الام (اسم الله عليك وعلي اختك) وهم ترسيخ لاعتقاد (القرين) والذي ظهر علي المعابد الفرعونيه (فالاله خنوم) يصنع صوره الانسان و قرينه من جنس اخر علي عجله الفخار اختفي اسم الاله خنوم و حل محله لفظ الجلاله باختصار يخلط الانسان المصري بين الطقوس الخرافيه و المعتقدات الدينيه في مزيج مركب تتمحور اهدافه في مطلبين اساسيين اما دفع ضرر او جلب منفعه تحول الامر بعد ذلك بشكل لا شعوري الي ثلاثه مطالب اساسيه:
1. -السيطره علي الحاضر.
2. -السيطره علي المستقبل.
3. -مطلب مشترك يجمع بين الحاضر و المستقبل .
وجميعها من خصائص النفسيه للانسان المصري المقهور منذ الاف السنين فأسس التفكير العلمي و قواعد المنطق و الاعداد الجيد و التدريب الجيد وتنميه روح اتخاذ القرار وتحمل مسؤليته هي اشياء حرم منها المصريون لعهود سحيقه تقاعست الدوله ايضا علي مر العصور في توفير الحياه الكريمه للمواطنين مما يدفعهم بشكل لا ارادي لاسقاط احلامهم و طموحاتهم علي ولي او شيخ او قديس او شهيد مسيحي علي حد السواء فالانسان المقهور يلقي بفشله علي اعتقادات غيبيه غير مرئيه فيصبح سوء اختيار شريك الحياه مع قهر وكبت جنسي واسلوب تربيه منغلق وعدم تكيف بين شركاء الحياه الي وجود عمل سفلي مخبوء اسفل منزل قديم ويصبح تاخر سن الزواج نتيجه علاقات اجتماعيه منغلقه وفقر ووظائف مترديه و عدم وجود ما يشجع ان يطرق عريس علي باب تلك العروس هو وجود عمل للبنت من بنت خالتها يطفش العرسان واصبح الجهل الجنسي وعدم و جود وعي او ثقافه جنسيه بين الزوجين يفسر بان الزوج مربوط من خطيبه سابقه حتي لا يستطيع اتيان زوجته.
ولا ادري لماذا يكرس الجن جهودهم في بلاد الشرق الاسلاميه التي يرتل فيها القران والاذان بصفه دوريه ولم نسمع سواء في الادب او التاريخ الاوروبي و الامريكي عن وجود للجن و هي المفترض ان تكون بلاد الفسق و الفجور حسب الاعتقاد الشعبي الشهير ربما يصر الجن علي العمل في بلادنا لان الجن لم يكتشف بعد ان العمله هناك هي الدولار والذي يساوي سته جنيهات مصريه وان الفتيات هناك شقراوات كالفاكهه الصابحه ولايوجد منافسه قويه فالجن الامريكي خرع ومايع ويعلق حلق في اذنه.
وللحديث بقيه
ملحوظه: قبل ان يتسرع القارئ فانا لا انكر وجود الجن و قد ذكر في القران و ظهر الجن لي مرتين في حياتي كما لا انكر وجود الحسد.
تعليقات
الموروث الثقافي عن الخُرافات في دول الشرق بصفةٍ عامة وفي مصر بصفةٍ خاصة له تاريخ طويل لا نعرف له سبباً في كيفية نشأته وانتشاره بهذا الشكل
ووصل ذلك إلى الطبقات المُتعلمة أيضاً
نرجو أن تندثر هذه الخرافات شيئاً فشيئاً