إجهاض في الزقاق الخلفي - قصة حقيقية
قصة حقيقة – مترجمة عن أصل إنجليزي - جرت أحداثها في الخمسينات بالولايات المتحدة الأمريكية، حين كان العار من الحمل للنساء غير المتزوجات يؤدي إلى قيام النسوة بمحاولات الإجهاض باستخدام أدوات مثل شماعات المعاطف والاستعانة بخدمات أنواع من حثالة البشر مثل "بارني".
-- بقلم : ماري جونستون Marie Johnstone – الولايات المتحدة الأمريكية
كان الرجل الأكبر سنا، وذو ثقل اجتماعي، ومتزوج. كنت عازبة وساذجة، متخرجة حديثًا من الكلية. كان ذلك في منتصف الخمسينات. كانت لي حياة كاملة ومثيرة ، ومستقبل واعد في مجالي الذي اخترته ، وكل نيتي تنصب على الاستقرار في دور الزوجة والأم وأن أحيا حلم الفتاة الأمريكية، أمل الناس على مستوى العالم. وبسبب هذه الأسباب السالفة الذكر وقائمة طويلة من الأسباب الأخرى ، لم يكن هناك أي وسيلة في العالم قد تنجح في إقناعي بأني قد يكون لي طفل في هذا التوقيت وفي تلك الظروف.
ماذا يمكن أن أفعل؟ الإجهاض غير قانوني. شربت مسكن ، ألقيت نفسي على الجدران، وفعلت كل الأشياء الفظيعة الأخرى التي يتردد أنها تنهي الحمل. بما في ذلك استخدام شماعات المعاطف. إعلانات شماعات المعاطف هذه ليس هناك من سبيل ليكون لها التأثير المطلوب وإبراز الأهداف الحقيقية، إلا أن تكون المشاهدة لها "إمرأة ، حاولت إنهاء حمل بهذه الطريقة". أخيرا وبهلع شديد، قررت أنني لا يمكن ان أقوم بذلك بنفسي.
وتوجهت أولاً إلى طبيبي الموثوق به، (لم أكن قد شاهدت طبيبة إمرأة من قبل!) واقترح علي أولا أن أجد طريقة لأتزوج. حتى وإن لم يكن هو والد الطفل، قال: قد يكون شخص آخر. واذا استبعدنا هذا الاحتمال ، قال انه يمكن أن يوجهني إلى مكان أمين، خارج نطاق الولاية الذي يمكن أن أذهب إليه حتى أضع الطفل وثم أعرضه للتبني. إلا أن ذلك يعني أن تبتعدي عن حياتك لمدة 6 أشهر... أن أفقد نصف سنة من حياتي، وبعدها أن أعيش كذبة لبقية حياتي، وناهيك عن العار والحزن الذي سوف يصيب أسرتي المحترمة المتدينة -- لا، لم تلق هذه الحلول جاذبية لعقلي ذو الـ 22 ربيعًا.
أخبرت والد الطفل، وهو رجل ثري إلى حد ما وذو مكانة كبيرة في المجتمع، ولم يبدو عليه الإنزعاج، و قال لي أن اتحدث إلى امرأة كانت تعمل في بناية مكتبه (وعندها، تساءلت عن عدد المرات التي لعب فيها هذا الدور!) ، وقال انها تستطيع ان تقول لي ما يجب القيام به.
كنت أعرف هذه المرأة بشكل عرضي. كانت عصرية ومحنكة بشكل كنت أشك معه في إمكانية أن أكون كذلك أبداً (وكنت على حق في ذلك على الأقل). قلت لها أن لي صديقة بحاجة إلى الإجهاض. فكتبت رقمًا على قصاصة من الورق، وقالت لي اتصلي وإسألي عن شخص يدعى "بارني" ، وقالت لا داعي للقلق. وقالت أن العملية سوف تكلفني 100 دولار أميركي. كان راتبي 190 دولارا في الشهر، ومدخراتي في حساب التوفير بلغت نحو 37 دولارا. عدت الى والد الطفلة ، الذي قال انه يمكن أن يعطيني مبلغ الـ 100 دولار المطلوبة في اليوم التالي – فوراً بعد ظهر ذلك اليوم ، إذا ما كنت احتاجه. ذهبت إلى الهاتف العمومي وطلبت الرقم.
وردت امرأة على الهاتف. بالتأكيد ، وقالت : انه هنا. جاء "بارني" على الخط وسألني إذا ما كان أحد يعرف بالأمر. قلت: لا أحد. قال: موافق، وقال : أيمكنك الحصول على 100 دولار؟ قلت: لدي الملبغ. طلب بارني أن أنتظره أمام مسرح لوي الكبير في شارع كذا وكذلك عند الظهر في اليوم التالي، وكان يوم السبت. قال لي: تعالي بمفردك.
وقفت أمام مسرح لوي الكبير في ذلك اليوم في طقس شديد البرودة من أيام شهر فبراير ذات المطر الثلجي القارص ، شعرت بوحدة شديدة كما لم أشعر في أي وقت مضى في حياتي، أقف في انتظار سيارة بويك سيدان سوداء موديل 1952. أوقف بارني السيارة ، وسرعان ما مد يده وفتح الباب الخلفي، وانطلق بسرعة وأنا منتصف طريقي للجلوس بالسيارة. ثم سلمني ربطة رأس قماشية قذرة عليها زهور زرقاء مطوية. وقال: اربطيها حول عينيك، واجلسي في منتصف المقعد. هل لديك المال؟ قلت: نعم.
في الدقائق الـ 20 التالية قاد السيارة في صمت حول أنحاء المدينة، ويسير ببطئ من مربع سكني لآخر. وأنا قد لويت رباط الرأس بعض الشيء وتركت ما يكفي من فتحة على جانب واحد تسمح لي أن اختلس النظر لأعرف أين نحن بالتقريب. كنا نسير في جزء من المدينة نادرا ما زرته ولكن مع ذلك عرفته، وهي منطقة مساكن سابقة التجهيز قبيحة المنظر بنوها لجنود القوات المسلحة العائدين من الحرب، و قد بنيت على عجل قبل عقد من الزمان. وأنا متأكدة من تلك المنازل سقطت أو تم تجريفها منذ فترة طويلة ، لكنني الآن وبعد مرور 50 عاما، أستطيع أن أقودك الى هذا المكان بالضبط في أي يوم. عندما وصلنا إلى الحي، قضى بارني خمس دقائق او عشر أخرى يلف ببطء. فقد كان من الصعب تتبعه، ولكن اذا كان أي شخص كانوا يحاول ذلك، كان بارني سيستطيع معرفة ذلك بسهولة.
في النهاية توقفنا في مرآب صغير ، لبيت رمادي كئيب ، شبيه بطراز المزارع المجاورة لمصانع الألومنيوم، وقال بارني: يمكنك خلع العصابة عن عينيك. تلك كانت الكلمات الأولى منذ أن قال عبارة: "هل لديك المال؟"
باب المرآب كان يؤدي إلى مطبخ متواضع إلى حد ما، حيث وقفت امرأة. بدت لي إمرأة ساخنة تفوح بالرغبة ، ورائحة المكان تشبه رائحة طعام الليلة الماضية من الطعام المقلي والخضر المسلوقة. أخذت مني المبلغ. واختفى بارني. وأشارت لي المرأة لي إلى الغرفة الصغيرة التي أدت ردهة قصيرة ومظلمة خارج المطبخ مباشرة ، وقالت لي أن أضع معطفي على كرسي وأن أخلع سراويلي الداخلية ، بارني سيأتي حالاً. كان في الغرفة طاولة خشبية شبيهة بتلك التي في مطبخ والديّ. كان هناك اثنين من الكراسي وكرسي آخر، وطاولة أصغر عليها قنينة ماء الى جانب الحوض ، وبعض أكواب ورقية وكومة صغيرة من المناشف. الغرفة كان بها ورق حائط باهت اللون فيه صفوف من التصاميم بنية اللون تشبه سيقان القمح.
دخل بارني ، بدون المعطف. بدا لي أنه يمكن أن يكون أي شخصية كاريكاتورية شائعة ذات شعر دهني لامع لبائع سيارات مستعملة. كان يرتدي قميصا ابيضاً وربطة عنق حمراء مخططة ، كل منهما سيء الذوق. لو لم اكن أشعر بأني منومة مغناطيسيا ومتقوقعة داخل ذاتي في هذه اللحظات ، كان من الممكن أن يبدو المشهد كله وكأنه فيلم كوميدي رخيص درجة ثانية، إلا أنه لم يكن مضحكا في ذلك الوقت. وقال بارني على الاستلقاء على ظهري على الطاولة. قال: لن يؤلمك هذا. شعرت بشيء يدسه في مهبلي ، وهو شيء أصغر من حشوة "التامبون" الصغيرة الخاصة بالدورة الشهرية. انتهى الأمر في دقائق معدودة. وقال بارني أن أرتدي سراويلي الداخلية وسيكون بانتظاري في السيارة. كنت أتساءل في وقت لاحق اذا كان قد غسل يديه ، قبل أو بعد هذه العملية.
بينما كان يقود سيارته ليعود بي الى مسرح لوي الكبير قال بارني لي يجب أن أتوقع أن يبدأ نزيف في غضون ساعات قليلة. وكان ذلك فقط هو مجمل حديثنا، ولكن لم تستغرق رحلة العودة سوى جزء ضئيل من الوقت الذي أمضاه في رحلة الذهاب.
بارني كان على حق بشأن النزيف. قلت لزملائي في السكن أنني أعاني من بعض التشنجات سيئة حقا ، وفكرت أن أبقى في الفراش ليوم الاحد. وفي صباح يوم الاثنين وكان لا يزال النزف شديدًا. فزعت كثيراً. اتصلت بطبيبي وقلت له انني بحاجة الى زيارته على الفور.
وقال الطبيب، من فعل بك هذ؟ قلت: لا أحد، أنا فقط ذهبت التزحلق على الجليد، وسقطت سقطة عنيفة. بعد لحظات قليلة من الكشف غير المريح، عقليا وجسديا، وقال: أنت واحدة من المحظوظات حقًا. أعطاني وصفة طبية لأملأها وطلب مني أن أعود بعد شهر واحد، وأن أزره إذا حدثت مشاكل في غضون هذا الشهر.
واتضح لي لاحقًا أنني كنت بالفعل محظوظة؛ فأنا لم أمت جراء النزيف ولم تحدث لي أضرار جسدية تعيقني مدى حياتي. وعشت لأتزوج وأرتدي ثوب الزفاف الأبيض الطويل ، وأن أربي ثلاثة أطفال جلبوا لي قدر من السعادة في كل يوم من حياتهم يكفي لمحو أي ذكرى سيئة مرت قبل أو منذ ذلك الحين. إلا أن هذه الذكرى لا تمحى من ذاكرتي. ولازلت أصلي من أجل أولئك النسوة اللائي لم يكن من المحظوظات.
إذا أعجبك الموضوع: تابعنا باستمرار من خلال صفحتنا على الفيسبوك: مجلة لاكي سترايك أو على تويتر أو اشترك بالقائمة البريدية ليصلك كل جديد على بريدك | للتعليق: اضغط هنا
|
اجهاض - قصص نسائية - أدب نسائي
تعليقات
تحياتى لك باركودا على هذا المجهود الواضح والمثمر ايضا.
ربما يتعجب كثير من الناس إذا عرفوا ان حمل فتاه غير متزوجة هو نوع من العار أو الفضيحة حتى هنا في امريكا والكن هذا بالطبع يتوقف على خلفية الفتاه العائليه والثقافية وأيضًا الدينية إلى حد ما .
اعتقد ان روح هذه القصة تعكس صراع الاخلاق والمادة مع قيم انسانية أخرى في مجتمع اميركا المعاصر الذي تغيب عنه كثيرا من القيم الدينية التي تربينا عليها .
تحياتي باراكودة
العنوان ال1ي اخترته متوافق تماما مع الأحداث
شكرًا على الإطراء والتعليق...
شكراً على التحليل الجميل للموضوع -- ومن أدرى منك يا عزيزي بروايات الأدب الأمريكي المعاصر؟! :)
تحياتي
شكراًعلى إطرائك وتشجيعك وزيارتك
تحياتي العطرة